مقال بعنوان هجر السرقة - العروة الوثقي طريقك الي العلياء

Breaking

العروة الوثقي طريقك الي العلياء

العروة الوثقي طريقك الي العلياء // الموقع الرسمي للداعية الشيخ : صلاح محروس زعرب

بالصوت والصورة

Post Top Ad

Post Top Ad

الجمعة، 17 يناير 2014

مقال بعنوان هجر السرقة



بسم الله الرحمن الرحيم

من ضمن المقالات الشيقة للداعية فضيلة الشيخ ايمن حماد

هجر السرقة

 
 
فضيلة الشيخ أيمن خميس حماد


ما من يوم يمر علينا إلا وأصبحنا نسمع عن وقوع سرقة هنا أو هناك، مع أن حرمة هذه الجريمة من المعلوم من الدين بالضرورة، ولا يخفى حكمها على أحد، وربما وصلت عقوبة السارق إلى جميع المسلمين، ورًدد على مسامعهم قوله تعالى: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } سورة المائدة: الآية 38.


يقول الدكتور الكبيسي: "اتجهت الشريعة الإسلامية - في هذه الجريمة - إلى حماية الجماعة، وأهملت شأن المجرم. فشددت العقوبة عليه وجعلتها مقدرة محددة، من أجل القضاء على ما يتهدد الناس في أموالهم وما يتبع ذلك من إذلال وإرغام، فأحكم الشارع الحكيم وجوه الزجر الرادعة عن هذه الجناية غاية الأحكام وشرعها على أكمل الوجوه، المتضمنة لمصلحة الردع والزجر، مع عدم مجاوزة ما يستحقه الجاني من العقاب. فلا بد أن يكون العقاب مكافئًا للجريمة، ولا يتسنى تقدير ذلك إلا لله العليم الخبير.


ولو ترك تقدير العقوبة على السرقة إلى اجتهاد مجتهد، أو نظر حاكم، أو رأي جماعة، لأدى ذلك إلى تناقض لا تؤمن عاقبته، ولا يضمن معه تحقيق العدالة التي يجد الناس فيها أمانًا من الظلم والقهر. فكان من رحمة الله - سبحانه وتعالى - أن تكفل هو بتقدير العقوبات على الخطير من الجرائم. وترك للناس تقدير غيرها من العقوبات: مما لا يترتب على تقديرها منهم أذى أو فساد".


ولكن الجريمة الكبرى أن يصبح انتهاك حرمات الله -عز وجل- مهنة يمارسها البعض، والبعض الآخر يظنها تسلية يستطيع من خلالها إظهار براعته وقدرته على أخذ أموال الناس خفية دون علمهم.


ومن العادات التي فيها دليل على انحطاط الأخلاق، وموت للضمير، وانعدام للمشاعر، السرقة في الأسواق من الناس الذين يذهبون للتسوق.


فتجد بعض حثالة الناس يقتنص فرصة إخراج أحد الناس في السوق حافظة نقوده ليشتري بها قوتًا لأولاده، فيطلع على مكانها وبخفة يد يقوم بسرقتها دون مبالاة من كون ما يحمله هذا الرجل أو تلك المرأة من مال لا يملك غيره.


تخيل معي ما هو شعور هذا الإنسان الذي سُرق ماله في مثل هذا الموقف وقد خرج من بيته وقد وعد أولاده وأهله بشراء ما يحتاجون إليه، عندما يرجع إليهم كسير الخاطر، فارغ اليدين، تخيل مدى الحزن والألم الذي ألحقه بهذه العائلة التي تنتظر بفارغ الصبر أن يسدوا جوعهم، وأن يُغطوا احتياجاتهم مما سيُجلب لهم من السوق.


ولقد تعددت في عصرنا الحالي أشكال السرقة، منها ما يكون عبر المضاربة بالمال والتجارة به ثم فجأة يُعلن إفلاسه وخسارته للمال.


ومنهم من يسرق الناس ببيع أجهزة كهربائية (مضروبة) لا يمكن أن تعمل لأكثر من 24 ساعة فقط.


ومنهم من يسرق الناس ببيع مواد تموينية منتهية الصلاحية، فيشتريها المواطن لرخص ثمنها ثم يُلقي بها في القمامة لفسادها.

ومنهم من يسرق الناس ببيعه سيارة ( كوم حديد) دون بيان عيوبها ومواطن الخلل فيها.

ومنهم من يسرق مواطن(غشيم) فيبيعه قطع أرض بضعف الثمن.


ولا أنسى في هذا الموطن ما تسرقه البنوك من المواطنين بحجة المرابحة والأرباح والقروض.

ماذا يمكن أن يُقال لمثل هذه المسوخ البشرية؟

بم يمكن أن يُعاقب أمثال هؤلاء؟

هل يجب مكافأتهم بتركهم يعثون في الأرض فسادًا، وينشرون الخراب وعدم الاستقرار الأمني في المجتمع؟.أم أن الواجب هو إقامة حد السرقة؟.


يقول الشيخ الصابوني–رحمه الله- في كتابه روائع البيان تفسير آيات الأحكام: "نعم إن الإسلام شرع عقوبة قطع يد السارق، وهي عقوبة صارمة،ولكنه أمّن الناس على أموالهم وأرواحهم، وهذه اليد الخائنة التي قطعت إنما هي عضو أشل تأصل فيها الداء والمرض، وليس من المصلحة أن نتركها حتى يسري المرض إلى جميع الجسد، ولكنّ الرحمة أن نبترها ليسلم سائر البدن، ويدٌ واحدة تقطع كفيلة بردع المجرمين، وكف عدوانهم وتأمين الأمن والاستقرار للمجتمع، فأين تشريع هؤلاء من تشريع الحكيم العليم، الذي صان به النفوس والأموال والأرواح ".

وليس هدف الشريعة هو إيقاع العقوبة، بقدر ما هو مطلوب إصلاح المجتمع.


يقول صاحب كتاب حد السرقة بين الفهم والتطبيق: " إن هذا القرآن جاء لينشئ مجتمعًا نموذجيًا، وليقيم نظامًا للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية مرتبطًا بنسق كوني متكامل خاضع لله الذي خلق الكون ويعلم ما يصلح له وما يصلحه وما يناسبه من نظم وتشريعات......أما المجتمعات الإسلامية التي اختلت فيها الأوضاع الإيمانية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ولم يطبق فيها حكم الإسلام فهي أيضا غير صالحة لإقامة حد السرقة ما لم تستقم فيها هذه الأوضاع على نهج الإسلام وشريعته. والمثال صارخ بين أيدينا في دول تقيم الحدود على غير مستحقيها وتستغل إقامتها لحماية اللصوص من المرابين والمضاربين والمقاولين والمرتشين.


لذلك فإقامة حد السرقة بالشكل الصحيح - كغيره من الحدود - مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بإقامة الإسلام كله كاملًا متكاملًا في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية".

الله أسأل لي ولكم العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad